قبل 6 سنوات كل ما كنت أفكر فيه وقتها هو عدم تكرار كارثة التوجيه الثانوي لإن كنت مجبرة على دراسة علوم تجريبية دون أن أحبها يوما. هذا كله لإني استمعت إلى رأي الناس المقربين من حولي ولم أستمع لميولي ورغبتي في دراسة الرياضيات.
درست تخصص علوم تجريبية وكانت مادة العلوم الطبيعية هي المادة الوحيدة التي أخذت فيها دروس خصوصية وهي المادة التي تحصلت فيها على أسوء علامة في كشف نقاط البكالوريا.
أعتبره أول قرار خاطئ إتخذته في حياتي لإن وثقت في المحيطين بي أكثر من وثوقي بقدراتي.
كما أني اعتدت على ثانويتي ولم أشأ التحويل إلى ثانوية أخرى لدراسة الرياضيات وهذا ثاني قرار خاطئ لإن فضلت منطقة الأمان.
تحصلت على شهادة البكالوريا. بتقدير جيد جدا وهو تقدير يسمح لي باختيار كل التخصصات المتاحة في الجزائر.
ولكن هذا لا يعني أن التقدير سيسمح لي باختيار الاختصاص الأنسب لشخصيتي واهتماماتي التي كنت أجهلها حينها.
كنت أعرف فقط أني اريد دراسة تخصص فيه رياضيات. فنصحوني بالمدرسة العليا للإعلام الآلي.
تم قبولي في المدرسة.
كنا ثاني دفعة تلتحق بنظام الأقسام التحضيرية. نتائج الدفعة الأولى كانت كارثية حيث أنه من أصل 180 طالب نجح 32.
تلتقي بمجموعة منهم يقولون لك ما الذي أتى بك إلى الجحيم؟
أتذكر أول درس لي في مبادئ نظام التشغيلWindowsلم أفهم شيئا مما يقول المحاضر بينما زملائي وخاصة الذكور يتفاعلون بشكل عادي.
ثم تلتها الدورة التدريبة في اللغة الفرنسية اكتشفت أني لدي عجز في المحادثة أفهم ما يقال لكني أعجز عن المشاركة أو التعبير بينما لا يعاني باقي زملائي من مشكلتي.
ثم أول درس في الرياضيات (التحليل) والذي كنت متحمسة جدا لأجله. رحب بنا المحاضر قائلا أنتم أصحاب 18 سنرى لاحقا إذا كان الوضع سيبقي على ما هو عليه.
ثم أول درس في الجبر كان أشبه بكابوس لم أفهم شيئا.
ثم أول تطبيق عملي في Linuxتقابلك شاشة سوداء وتعليمات فوق الورقة.
ثم أول تطبيق عملي في Linuxتقابلك شاشة سوداء وتعليمات فوق الورقة.
ثم أول تطبيق عملي في الخوارزميات زملائي يحلون بسهولة وأنا ما زلت أعاني.
ووووو...........................................
مع كل هذا كنت أحاول الاجتهاد يوميا في الغرفة لأجل الفهم سواء بمفردي أو مع زميلاتي في الإقامة الجامعية.
كنت أصاب أحيانا بنوبات قلق وبكاء. استمر الوضع على ما هو عليه خلال الشهور الأولى. وازداد سواء بعد أول صفر تحصلت عليه في استجواب الخوارزميات.
عندما عدت في العيد الى المنزل أخبرتهم أني أريد التحويل قالوا لي الى أين قلت لهم محروقات وكيمياء بومرداس لا أدري أصلا لماذا هذه التخصص ؟؟؟؟؟؟؟؟؟ اتصلت بصديقتي تدرس هناك قالت لي انت متأخرة جدا.
لا أعرف الوجهة إلى أين؟ أريد فقط أن أهرب من مواجهة مصيري
عدت الي المدرسة بعد العيد وجاءت les contrôles intermédiaires وقد أبليت حسنا عكس ما كنت متوقعة فمراجعتي لم تذهب هباء وقد وفقني الله في ذلك.
ثم أسبوع قبل امتحانات نهاية السداسي الأول أصيبت باكتئاب حاد جعلني أتوجه للإدارة أطلب فيها سحب ملفي لا أريد المواصلة في هذا الطريق.
تعجبت الأستاذة المسؤولة من طلبي وقالت لي" لن أعطيك الملف لسببين الأول أنت لست بحالة جيدة لأخذ قرار سليم، الثاني لا تستطيعين التحويل الأن إلى أي مكان فهذا مصيرك على الأقل حتى نهاية السنة" ثم استأنفت قائلة "لا أفهم كيف تحكمين على فشلك وأنت لم تجربي بعد هل هذا معقول الامتحانات على الأبواب أعطي لنفسك فرصة ثم قرري وحتى إن لم تستطيعي يوجد سداسي ثاني يمكنك المحاولة"
اتصلت بعائلتي لتدعمني فقال لي والدي "مرحبا بك نحن بحاجة لشخص يقوم بالأعمال المنزلية"
في حين قالت لي عمتي "لا تدرسي ابقي فقط في العاصمة وقومي بجولة سياحية"
أما صديقاتي وزملائي فقد تفاجؤوا من قراري. هل نحن أخر من يعلم؟ لا لن تغادري المدرسة بدأنا معا وسنواصل معا انشاء الله.
وفعلا لم أضغط على نفسي وقمت بمراجعة الدروس التي فهمتها فقط وتركت ما لم أفهمه كنت أدخل كل امتحان وأبدأ بما هو سهل علي وأكتب أي شيء المهم المحاولة.
ويلا المفاجأة نجحت في السداسي الأول بمعدل يقارب 12 سعادتي لا توصف بالإنجاز الذي حققته.
خلاصة القول
اختياري للمدرسة لم يكن مبني على شغفي للإعلام الآلي.
اختياري للمدرسة كان مبني على حبي للرياضيات. التي اكتشفت فيما بعد أنها لم تكن يوما شغفي.
اختياري للمدرسة كان مبني عن قناعة فكان من واجبي تحمل مسِؤولية قراري حتى النهاية.
كلنا نمر بتحديات فقط علينا المواجهة لإن الهروب لم يكن قط الحل الأمثل لأي مشكلة.
الحمد لله حظيت بعائلة جديدة في هذه المدرسة وقد كان لها الأثر الإيجابي في مسيرتي.
لهذا أنصح دائما بتفادي الأشخاص السلبيين لأنهم عبارة عن قنبلة متنقلة ومدمرة.
كلنا بحاجة إلى نصيحة المهم هو اختيار الشخص المتخصص في مجاله.
الحمد لله كان اختياري موفق لأني اليوم مهندسة في تخصص أحبه اسمه نظم معلومات وقد سمح لي باكتشاف شغفي الذي كنت ابحث عنه منذ زمن بعيد.
نجح معظمنا في تجاوز السنة الأولى لإن ثقتهم في النجاح كانت أكبر من خوفهم الفشل ويا لها من لحظة تاريخية عندما تجد أمام اسمك ADMIS
نسبة قليلة لم تتجاوز السنة الأولى وهم أكيد تعلموا من هاته التجربة وأصبحوا أقوى لإن الفشل مدرسة أكثر من النجاح. فلنسأل أنفسنا من معلمنا الحقيقي الفشل أم النجاح؟ أكيد طبعا الفشل وكلنا لدينا محطات فشل ومن لا يعترف بذلك فليستخرج شهادة ميلاده بتاريخ الأمس.
ويوجد نسبة فضلت التحويل أمل أن تكون وجهتها مبنية عن اكتشافها لشغفها الحقيقي وليس هروبا من مغامرة لم تبدأ بعد.
وفقكم الله ودمتم في رعاية الله وحفظه





